هل تخلت المرأة عن أنوثتها؟
هل تخلت المرأة عن أنوثتها؟ هكذا جاء عنوان مقال في المجلة النسائية "زهرة الخليج" لسنة 2004، وجدت منها ورقتين متناثرة في خزانة بيتنا قبل أكثر من شهرين، لا أدري لمن هي و لا كيف وصلت إلى هناك، ما أثار انتباهي حقا هو العنوان و تاريخ هذه المقالة، كيف و أن هذا الموضوع الذي نعتبره موضوع العصر هو في الحقيقة موضوع كل العصور، كان و لايزال و سيستمر عبر الأجيال... فاحتفظت بالورقتين بين مجموعة من أوراقي الخاصة يقينا مني في أنني سأكتب مقالة، أبدي فيها رأيي عن الموضوع، و أناقش ما جاء في مقالة المجلة - و إن كانت غير مكتملة لدي - .
فدعونا نبدأ بالسؤال، هل " الأنوثة " مشكلة؟
و يؤسفني حقا أن أقول، نعم، قد تكون كذلك بالنسبة للمرأة التي نشأت و تربت في وسط يرى الأنوثة عيبا و نقصا و الذكورة " مقدسة "، وسط يبالغ في تكريم ذكوره و إسكات البنات فيه، وسط يرى الذكر قادرا على الفهم و النجاح و التفوق و الأنثى ما خلقت أصلا لتفهم و ما خلقت لتعمل فكيف للأدوار القيادية... لتكبر و هي تحمل بداخلها عبئ و هم أنها أنثى، لديها أهداف و طموحات تعجز عن تحقيقها و تعاني العذاب في ذلك، تردد بداخلها أي ذنب اقترفت لأكون أنثى فأعجز عن تحقيق ما أتمناه. فيظل الحل الوحيد بنظرها أن تدفن هذه الأنوثة و تتحلى بصفات و تصرفات الذكورة لتنطلق! و هذا ما أشارت إليه الكثير من النساء في تحقيق قامت به المجلة، حيث أدلت الكثير منهن بأنها و لتتفادى الضعف و تعليقات ثم استغلالات المجتمع للأنثى و لتستطيع النجاح، تخلت عن أنوثتها و دفنتها... لكنها على أية حال لم تسلم من تعليقات و سخريات المجتمع، فأصبحت تتلقا أوصافا قاسية و جارحة كـ " فاقدة أحاسيس الأنثى "، " أنت رجل و لا ينقصك إلا شارب " ...
هل يمكننا أن نفكر بوعي و لو للحظة و دعونا نفترض، هل خسارتي للمجتمع و لأهدافي أرحم أم خسارتي لفطرتي و روحي المقدسة و تنكري لجنسي " الأنثى " ؟ الأنوثة إن كانت عائقا لتحقيق الأهداف، فاطمئني، فهي لم تعد كذلك، و المجتمع سئم من كثرة الذكورة فيه و أصبح بحاجه للرحمة، الحب الفطري و السلام.
هدمت البيوت لغياب الأنثى الحقيقية فيها، و أنشئت أطفال أكثر ذكورة من ذي قبل لغياب حنان الأم و عطفها و وعيها في تربيتها، هكذا كانت شهادة العديد من النساء في مقال المجلة، منهن من تدمر بيتها و أطفالها، و منهن تركها زوجها بحثا عن امرأة أنثى و ليست امرأة رجل، و منهن عانت الفراغ العاطفي و الاغتراب عن الذات و الضياع، ابتعدت كثيرا عن نفسها حتى ما عادت تعرف من تكون و لا تعرف طريق العودة، خسرت نفسها ثم المجتمع الذي لم يرحمها في نهاية المطاف.
في حين أن جزءا من الأنوثة أصبحت تدرب للرجال أيضا لتحقيق أهدافهم من خلال مهارات تأتي بعد مرحلة التخطيط التي تحتاج لأفكار، منطق، قوة، تخطيط، إنجاز... ثم تليها المهارات الأنثوية و التي تتجلى في الإبداع، القدرة على التحمل، الحب في الإنجاز، التسليم و عدم التعلق بالأهداف، الحِلم... أيضا في بعض المجتمعات، تدرس الإبتسامة كجزء مهم لنجاح العمل، حسن التعامل، اللين و المرونة في التعامل مع العملاء، الأناقة، اللطف و الهدوء و الصبر عند مواجهة ضغوطات في العمل، على كل حال ما كان لعمل أو مشروع أن ينجح دون وجود لمسة أنثى فيه حتى لو كانت دعوة والدتك، و إن كان كذلك فلتوفر صاحبه على مهارات أنثوية كالتي ذكرت و إن لم يكن على وعي بها. أَضيف إلى ذلك شهادة زوج في مقال المجلة حيث وصف زوجته و التي تعمل كممرضة، بالرقيقة و الخطيرة، و أضاف أنها أخت الرجال داخل غرفة العمليات، لكنها في حياتها العائلية زوجة، و أنثى حقيقية و جميلة و لديها قدرة عجيبة على إعطاء كل فرد في الأسرة حقه من الحنان و الإهتمام و الرعاية. كم هذا رائع !
ما كانت الأنوثة عائقا لتحقيق الأهداف، و لا كانت الأهداف عائقا لتكوني يا أنثى، أنثى. و دعينا لا نعلق مشاكل السيدات على شماعة " المجتمع " - و إن كان له دور - ، فقلة الوعي أو انعدامه تظل العائق و السبب الحقيقي، و كوني أنثى منّ الله عليه بنعمة الوعي، يهمني بصدق وعيك أنت بذاتك، بفطرتك، بقدراتك، بمميزاتك، بدورك العظيم الذي خلقك الله من أجله.
اقرئي تثقفي، استمعي لمقاطع توعوية، احضري دورات، تابعي أناس ملهمين في هذا المجال، فلم يعد لديك عذر في زمن كل الاختيارات فيه متاحة ما عدا عذر الاختيار.
هل تأثرت بما جاء في المقال؟
لأكون صادقة، بمجرد ما أمسكت الورقتين و قرأت العنوان، قلت في نفسي هذه رسالة لي لأكتب في موضوع طرح قبل أكثر من 12 سنة، لعلي ألامس الآن عمق فتاة ما، أو سيدة عاملة تائهة أو ضيعت نفسها ارضاءا لأهدافها و للمجتمع. صحيح تأثرت و تعاطفت مع السيدات و لأنه مايزال مثلهن الآن، لكن ما لامسني أكثر هو صدقهم مع المجلة.
في حين ما أثار ضجيجا بداخلي، تحليل دكتور و أستاذ علم اجتماع للموضوع، حيث يقول: " إن الأنوثة بمعناها المطلق، لا وجود لها إلا في خيال الشعراء..." (اقرأ و أقول احلف هههه ) و يواصل كلامه للأسف غير مميزا الفرق بين الأنوثة و الجمال، و شتان ما بين الاثنين، افضل عدم الدخول في التفاصيل لكي لا يطول المقال أضعافا مضاعفة، و اختصر بقول " الأنوثة إحساس، و الجمال غلاف مميز لهيكل المرأة، أبدعوا في اختيار معايير متعددة له، فجردوه من حلاوة فطرته ".
فمثلما انطلقت جريا و بحماس نحو تحقيق أهدافك و إثبات مكانتك في المجتمع، جربي أن تعودي و لو بخطوات صغيرة و بحب نحو داخلك، لفطرتك " الأنوثة " فكل القوة و النجاح و التميز تكمن في ذلك العمق.
ماذا لو جربتي ذلك حقا؟! صدقيني لن تخسري.
مقالة جدا جميلة وهادفة
ردحذفشكرا لك
شكرا لك نور على تعليقك لي أسعدني :*
حذفmalheureusement oui :(
ردحذفC vrai aghlab l 7alat oui.hadchi 3lach 5assna naw3aw o nwa3iw les autres :).merci ma belle sara
حذفمقالاتك رائعة مثلك ، بانتظار القادم إن شاء الله
ردحذفممتنه لك ولتعليقك الجميل
حذفروعة بالتوفيق دوم يارب
ردحذف#الانوثة احساس
منورة حبيبتي نور الهدى
حذف