مقالي الأول: الأنوثة في الرجوع إلى الفطرة
هل أدهشتك يوما طفلة بحركاتها و كلماتها الصبيانية الجميلة و الرقيقة؟ هل استغربت يوما و سألت نفسك من أين لها هذا؟ من علمها و هي في هذا العمر؟ من منحها هذه الثقة لتجيب بأنها جميلة على كل شخص يقول لها (من باب المزاح) أنها ليست جميلة، و هي لم تدرك معايير الجمال بعد !! هل لاحظت و تمعنت في تصرفاتها و الطريقة التي تداعب بها شعراتها؟ ضحكتها النابعة من الأعماق دون تصنع أو ميوعة؟ ميولها لكل ما هو أنثوي دون أن تدرك من ألهمها كل هذا و هي في سنواتها الأولى. بكاؤها حين تتأذى دون أن تعتبر دموعها ضعفا، عشقها للألوان الجميلة و الفساتين و الدمى....
إنها الفطرة ! نعم فطرتها التي خلقت عليها، إنها الأنوثة الفضيلة التي لم تتأثر بعد بأي برمجات و معتقدات، أنوثة خالصة لم يتم خلطها بأفكار المجتمعات و ظنونهم بعد، إنها الأنوثة الأصلية التي لم تدرس أبدا بالمدارس و الجامعات، إنها الأنوثة الخام التي لم تشكل مثلها بعد التلفزيونات، و أغلفة المجلات، أو وسائل التواصل الاجتماعي.
إن الطفلة منذ شهيقها الأول نعمة الرحمن، هبة ربانية، بذرة جمال و حنان، و أنس و سلام، و حب و حياء... ثم تكبر و تنمو مع الأيام و هي تسقى و تتشبع بكل أنواع البرمجات على أنها نقص و ضعف، على أنها غير قادرة على الإنجاز و لا على الإلهام، على أنها مشكلة المجتمعات و أنها عيب و عار، و أنه ليس لها حق في تحقيق أهدافها، و أنه ليس لها رأي يقتدى به لأن عقلها ناقص. فتصبح من تلقاء نفسها تردد هذا عن نفسها و عن بنات جنسها إلى أن تقتنع فعلا به دون أدنى محاولة منها في أن تجلس و تفرز الصحيح من الخاطئ، و تحتفظ فقط بما يناسبها. لتجد نفسها فيما بعد قابعة في ظلمات الضعف و النقص، و الفراغ الذي تخيلته و أحاطت نفسها به دون إدراك منها أو وعي، و هي تعاني و تتمنى بالسر في أعماقها لو كانت ولدا لتكون لها حظوظ وافرة، و ميزات و حرية مثل تلك التي عند أخيها، أو أحد أفراد أسرتها أو المحيطين بها.
فتتحول من طفلة أنثى بريئة إلى فتاة بجسم أنثى و لكن بأفكار و تصرفات ذكورية، فنجد اللباس ذكوريا يكاد يخلو من الحس و الطابع الأنثوي، و قصات شعر ذكورية و مشية ذكورية و الصوت كأنها تكاد تكون ذكر، و التصرفات و الحركات كذلك، و معاملتها و ردود أفعالها ذكورية تكاد تخلو من اللين و اللطف و المرونة... و تتعدد المظاهر لكن الأسباب تبقى واضحة: برمجات و معتقدات خاطئة، تشربتها منذ نعومة الأظافر، ثم اعتراضات على الأنوثة...
ثم بعد توالي الشهور و السنين تتزوج الفتاة سواء بهدف تأسيس أسرة جميلة و تجربة شعور الأمومة، أو هروبا من مشاكل أسرية سابقة، أو معاناة ... لتتفاجأ أن ما تعلمته في السنوات التي مضت لم يكن الصواب و أن الزوج يحتاج إلى أنثى و ليس إلى ذكر، فتتطرف من الذكورة إلى أقصى الأنوثة سالكة بذلك طريق الجمال معتقدة أن الجمال الخارجي هو الأنوثة فتصبح انفعالية، غير قادرة على الاحتواء، تواجه العقبات بالهروب...، و قد تفشل في علاقتها مع شريك الحياة، و في تربية الأطفال، و في جل العلاقات التي تحيط بها. لكن شتان ما بين الجمال و الأنوثة، فالأنوثة إحساس من الداخل تحسه الفتاة فينعكس على كل من حولها، إحساس يشكل هالة كهالة القمر تحيط بالفتاة، شعور لا يخطئه إحساس رجل، عجوز، طفل، سيدة... إحساس بالسلام و الهدوء، و الاستقرار و الحب، و الثقة في الأعماق...، في حين أن الجمال يكاد لا يتفق على معاييره، بحيث يختلف من بلد لآخر، من زمان لآخر، من جنس لآخر. متغير بحسب السن و الظروف، و الحالة النفسية و الجسدية... فالجمال الذي يمنحه لك فستان جميل و أحمر شفاه و كعب عال غير دائم يحضر بحضور هذه الأشياء و يندثر بغيابها.
فكل فتاة تتساءل يوما من أين الطريق إلى الأنوثة؟ أقترح عليها أن تراقب طفلة! نعم طفلة في سنواتها الأولى، لتتعلم منها الهدوء و السكون، و الضحكة الصادقة، و الحب و الإلهام ... فلترجع إلى فطرتها فهناك تجد كل مفقود و تجد سكنها و هناك تجد السلام. فأجمل ما تكون عليه الأنثى هو الفطرة، فلتغص في أعماق روحها و تكتشف الجمال الرباني، و الإعجاز الإلهي في خلقها بهذه الطريقة و على هذا النحو، فالطفلة قد تكون أفضل مرشد للأنوثة الصحيحة بحيث تلهمك و تمنحك الاتصال بداخلك، فتبقين مهما ذبل جمالك عبر الزمان أو رافقك العكاز، أنثى ملهمة، نعمة الرحمن و سفيرة السلام و الحب في هذا الكون البديع.
بقلمي: هاجر
- مصدر معلوماتي و إلهامي في هذا المقال: أ. رهام الرشيدي
لمتابعتي على الانستغرام: Hajress
لمتابعتي على التويتر: SHajress
لمتابعتي على الفيسبوك: Lady's Pretty Corner
يا الله مقال جميل جداً ، وأعجبتني الخاتمة وفقك الله هاجر <3
ردحذفادراكك للجمال ما هو الا انعكاس للجمال الذي بداخلك صديقتي. ممتنة لك 🌷
حذف